تعتقدين أنها قصة طويلة
انها أفضل قصة قرأتها فى حياتى
اقرأيها فهى جميلة جدا
يفوتك نص عمرك لو لم تقرأيها
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصة من احد منتديات بقلم الكاتبة نورقلبي حسين ... حبيت انقلها لكم
فلا اترككم بقلم الكاتبة و مشاعرها
مخطئ من قال أن هناك حب من أول نظرة ، هذا الحب في رأيي حب غرائز وشهوات ، فكيف لي أن أحب شخص وأغرم به أراه لأول مرة فقط من أجل مظهره الجميل والجذاب ، الحب لا يكون إلا بعد العشرة، وقد تمتد هذه العشرة إلى سنوات طوال وسوف أثبت وجهة نظري عندما أروي لكم قصتي .
أنا فتاة في العشرين من العمر ، توفيت أمي وأنا صغيرة السن ثم تبعها أبي بعد فترة بسيطة، تركا لي ثلاثة أطفال أمانة في عنقي فأصبح الأطفال ورثتي التي ورثتها من أهلي، بمعنى أخر فقيرة معدمة لا أجد ما يسد رمقي أنا وأخوتي ، أنا فتاة قليلة الجمال، متوسطة الطول، سمراء البشرة، ملامح وجهي أقرب إلى الصبيان منها إلى الفتيات، ولقد ورثت هذه الصفات من والدي ، لذلك قل الرجال الذين يرغبون بالزواج مني وحتى لو فكر أحدهم بالزواج مني تراجع لأني أرفض ترك أخوتي لوحدهم في المنزل ، حاولت قدر الإمكان إيجاد عمل لي ولكن باءت محاولاتي بالفشل وكانت حياتنا قائمة على الصدقات من قبل أهل الخير والإحسان ، وحتى دراستي لم أكملها واكتفيت بتعليم أخوتي الصغار ربما أصبحوا رجال لهم شأن كبير في المستقبل ، وهكذا تمضي الأيام والشهور والسنوات والحال كما هو عليه ، لقد نسيت أن أخبركم بأن اسمي منتهى .
في أحد الأيام بينما كنت أقوم بتدريس أخوتي وإذا بالباب يطرق، أصابتني الدهشة فليس من المعهود أن يطرق الباب في هذا الوقت المتأخر من الليل ، توجهت للباب لأرى من الطارق فدهشت عندما رأيت امرأة محجبة متوسطة العمر والجمال طويلة بعض الشيء ، تقدمت نحوي وقالت : السلام عليكم ، هل أنت منتهى ؟
قلت والدهشة تملئ عيني : وعليكم السلام ، نعم أنا منتهى تفضلي بالدخول
ثم دخلت المنزل وجلست على الكرسي الموجود في فناء البيت وقالت : أنا قادمة إليك من طرف شخص يدعى بدر بن مرزوق وهو رجل تاجر، معروف بحسن أخلاقه وطباعه وهو رجل صاحب دين وصاحب ثروة ضخمة أيضا ،و لقد طلب مني أن أبلغك بأنه يرغب بالزواج منك.
قلت والدهشة تعلو وجهي : يرغب بالزواج مني ماذا يريد رجل معروف بالثروة الضخمة مني ؟ من أين علم بوجودي ؟
قالت المرأة : هو يعرف كل شيء يرتبط بك لذلك يرغب بالزواج منك ، وهو على أتم الاستعداد لتلبية طلباتك أنت وأخوتك، وسوف يتدبر أمر دراستهم في أرقى المدارس إلى أن يتخرجوا من الجامعة ولو استلزم الأمر سفرهم للخارج من أجل الدراسة أو العمل ، وغير ذلك من الرغبات والأشياء الضرورية للحياة وبكل كرم وسخاء ولكن لديه شرط واحد.
قلت لها وما شرطه ؟
قالت: لن تريه ولن يراه أخوتك وسيكون تعاملك معه في ظلام الليل وسيغادر قبل شروق الشمس وفي النهار من خلال وسيط ، وهناك أمر أخر ممنوع الأسئلة والاستفسار
قلت لها: وكيف سأتزوج من رجل لن أراه حتى لو كان معي في نفس المكان ؟
قالت لي : سأعطيك مهلة للتفكير وسأعود بعد يومين ، لا تنسي الرجل صاحب ثروة كبيرة وكذلك رجل صاحب دين وأخلاق بمعنى أخر فرصة قيمة يجب عليك انتهازها
قلت : سوف أفكر بالأمر.
ودعتني وانصرفت وأخذت معها عقلي وتفكيري ، هل حقا ما تقول ؟ هذا أغرب شيء سمعته ، ربما كان مشوه الوجه أو قبيح ولا يريد أحد أن يراه ، الساعات تمضي وأنا حائرة لا أعرف ما يجب عمله ، أفكر بأخوتي وكيف أن هذا الزواج سيعود بالمنفعة عليهم وعليّ أنا الأخرى ، ثم أتراجع وأقول ولكن كيف سأتزوج رجل لن أستطيع رؤيته طوال حياتي ، إلهي ساعدني رأسي سوف ينفجر.
مضى يومان وأتت المرأة تسألني عن قراري فقلت لها : توكلت على الله أنا موافقة من أجل أخوتي
قالت: على بركة الله سوف أرتب مسائل الحفل بالكامل وما عليك إلا تنفيذ ما أقول ، لقد تذكرت شيئاً مهم عند عقد القران لن يكون السيد موجود بل رجل له الحق بنيابة عن السيد وتذكري دائما ممنوع إلقاء الأسئلة
قلت : لا بأس في ذلك .
تم عقد القران وكانت حفلة الزفاف حفلة أسطورية حضرها الكثير من نساء كبار الدولة ، كانت الحفلة في مكان كبير جداً ، كانت هناك طاولات كثيرة مليئة بالطعام ،والشراب، والزهور، والعطور، والشموع ، كانت هناك فتيات صغيرات تتجول في مكان الحفل وكن جميلات كأنهن اللؤلؤ المنثور، أنا كنت قريبة الشبه بساندريلا إلا أنها أكثر جمالاً مني ، كان فستاني رائع وجميل . انتهى حفل الزفاف وقامت مجموعة من النسوة بتغطية بغطاء سميك من رأسي حتى أخمص قدمي ثم أدخلوني في منزل كبير جداً كأنه قصر خرافي من القصور الخرافية التي سمعنا عنها في القصص ، أدخلوني في غرفة رائعة مجهزة بأحدث وأكمل وسائل الراحة وقالوا لي بأن هذه غرفتي ، كنت لا أصدق عيني وأقول في نفسي بأن هذا حلم جميل لا أريد الاستيقاظ منه ، خلعت الفستان ووضعت العقد من على نحري وارتديت ثوب ناعم جميل يصلح للنوم ، عندما انتهيت طرق الباب فدخلت خادمة حسناء تقول لي أن زوجي قد قارب على المجيء لذلك يجب أن أستعد لمقابلته وسوف تساعدني في ذلك، ساعدتني ثم خرجت وفجأة حل الظلام وساد الصمت ، حاولت الرؤيا ولكني لم أستطع حتى يدي قربتها مني لعلي أراها لكن دون جدوى، رفعت يدي لعيني حتى أتيقن بأن جفني ما زال مفتوحاً فعرفت أن الخلل ليس في عيني ، سمعت صوت الباب يفتح وخطوات تتسارع وتقترب مني وكانت هناك رائحة عطر زكية تقترب مني كذلك ، كنت خائفة بل أرتجف من الخوف وقلبي تتسارع دقاته كأنه سيخرج من مكانه ، أحسست أن الجو بارد جدا مع أنه كان معتدل قبل قليل ، سمعت صوت إنسان يتحدث وكان صوته رخيم ناعم يبعث الاطمئنان في القلب ولكن في غير هذا الموضع بالتأكيد ، سمعته يقول : السلام عليكم يا منتهى ، مبروك عليك هذا الزواج . لم أجب واكتفيت بالصمت ،ثم قال لي : هل أنت خائفة يا منتهى ، لا بأس عليك كل فتاة تخاف ليلة زفافها .
استجمعت قوتي وذكرت ربي وقلت : كل فتاة ولكن أنا فتاة وضعي مختلف
قال لي مهدئاً : لا بأس عليك سوف تعتادين على الوضع مع الأيام ،أعذك يا منتهى أن لن يصيبك مكروه إن شاء الله تعالى وأنت في حمايتي ، لن أجعل الخوف يقترب منك أبداً مادمت حياً وحتى لو فارقت الحياة سأجعل من يهتم بك أنت وأخوتك من بعدي ، ثقي بما أقوله لك
قلت له شكرا لك لما فعلت ولما ستفعل لي ولأخوتي
قال لي : الآن علي الانصراف سوف أدعك تأخذي قسطك من الراحة وسوف أعود في مساء الغد
ودعني وانصرف وبعد رحيله بقليل عادت الإضاءة كما كانت قبل رحيله مما جعلني في حيرة شديدة من تصرفه هذا ، وضعت جسدي النحيل على السرير الوفير ورحت في سبات عميق كأني لم أنم ساعة في حياتي
*********************************************
في صباح اليوم التالي استيقظت من النوم وكنت اعتقد أني في حلم ولكن بعد أن جلت ببصري في الغرفة علمت بأنها حقيقة ، نهضت من الفراش وبعد أن انتهيت من إعداد نفسي توجهت للأسفل لأرى أخوتي قمت بالبحث عنهم فلم أجدهم سألتهم عنهم فأخبروني بأنهم في المدرسة الجديدة التي قام السيد بضمهم إليها، فرحت لهذا الخبر ثم توجهت لتناول فطوري ، أكلت بنهم شديد كأني لم أكل يوماً في حياتي حتى الخادمة أخذت تنظر إلي بعين الدهشة فهي لا تعلم بالوضع التي كنت به قبل مجيئي إلى هنا،بعد انتهائي من الطعام قالت لي الخادمة : والآن يا سيدتي سوف أتجول معك في أرجاء المنزل لتتعرفي عليه ، تجولنا في أرجاء المنزل وهي تقول هذه غرفة للضيوف وهذه غرفة للطعام وهذه، وهذه ، وهذه ، خرجنا خارج المنزل وكانت هناك حدائق كثيرة وجميلة وفيها كل أنواع الزهور ، هناك أيضا أماكن للسباحة وأماكن للرياضة وكل هذا محاط بسور كبير وذلك لأن زوجي رجل متدين ، وأنا أتحدث مع الخادمة سمعت صوت أنثوي سمعته من قبل فنظرت للخلف فرأيت السيدة المحجبة قادمة نحوي وتقول : صباح الخير يا سيدتي ، هل نمت جيداً ؟
قلت لها: صباح الخير ، نعم لقد نمت جيداً وكيف لي لا أفعل وأنا أنا على هذا الفراش المريح .
قالت لي : هنيئا لك ، لقد قال لي السيد أن أخبرك بأنه يوجد لدينا سائق في الخارج إذا رغبت في الخروج ، أذهبي حيث تشائين وقتما تشائين دون الرجوع إلى أحد ولكن كوني في المنزل قبل المغيب وهذا أمر وليس طلب .
قلت وأنا مندهشة : هل رأيته.... ؟ لماذا شاهدته أنت ولا أشاهده أنا مع أنه زوجي ؟
قالت لي وملامح الغضب بدت على وجهها : قبل الزواج وافقت على الشرط الخاص بالأسئلة ، لو علم السيد بأنك تلقين الأسئلة لغضب غضباً شديداً ، يا أبنتي السيد ذو قلب كبير وطيب ولكن عند الغضب يتحول إلى شخص أخر فحذري من غضبه .
قالت عبارتها وانصرفت ولم تدع لي مجال للنقاش ، ما هذا الزوج الغريب أن الأمر محير ومربك ، تجولت في الحدائق ومررت بين الزهور استنشق عبيرها وأنا أفكر بهذا الرجل الغريب حتى حان وقت رجوع أخوتي من المدرسة ، استقبلتهم والفرحة تملئ وجوههم ، كل واحد منهم أخد يصف لي مدرسته وأستاذه والأطفال الذين معه ، أنا أنظر إليهم وأنا في كامل السعادة فنسيت زوجي الذي لا أعرف عنه إلا اسمه ، مرت الساعات وأنا مع أخوتي حتى غابت الشمس ، جاءت إحدى الخادمات تخبرني بأنهن في الأعلى ينتظرني من أجل تزييني لاستقبال زوجي ، ذهبت معها إلى الأعلى تنفيذاً لأوامر السيد ، بعد الانتهاء نظرت في المرآة لأجد نفسي فتاة مختلفة فتاة جميلة، جاءت أحداهن بطعام العشاء ووضعته بالقرب مني وقال للأخريات : هيا يا فتيات انصرفن سوف يأتي السيد بعد قليل ، ما أن سمعت كلامها حتى عادت لي حالة الخوف والرهبة التي شعرت بها ليلة البارحة ، ثم حل الظلام بعد انصرافهن ثم جاء زوجي الغامض واقترب مني وقد علمت بذلك من الأنفاس المضطربة ورائحة العطر وصوت الأقدام ، قال بصوت رخيم عذب يزيل الهموم عن الصدر : كيف حالك يا عروس . تنفست الصعداء وقلت بصوت منخفض : أهلا بك .
أخد بالحديث عن أمور مختلفة مثلاً يسألني ماذا فعلت اليوم ؟ وكيف كان أخوتي مع مدرستهم الجديدة وغيرها من الأمور ، أحسست بشيء من الاطمئنان ثم قال لي : ألن تأكلي ؟ قلت له : كيف أكل وأنا يدي لا أراها من شدة الظلام . قال لي : لا عليك سوف أطعمك يبدي ، ألست عروس ؟ قلت له : هل ترى لتطعمني بيدك ؟ قال لي : نعم أرى الطعام وأراك أيضا .
عندها عاد الخوف إلى قلبي وأحسست بالرجفة في جسدي ، قلت له : وكيف تراني في هذا الظلام؟ قال لي : هل عدنا للأسئلة ، لقد أعتدت على الظلمة ، هيا فتحي فمك دعيني أطعمك .
تناولنا طعام العشاء وأخذنا بالحديث عن أمور مختلفة تخصني ولم يتحدث عن نفسه البتة ، توقف عن الحديث وقال: الآن سوف أغادر سوف أدعك تأخذين قسطك من الراحة والنوم، سأراك مساء الغد ، إلى اللقاء . ما كان مني إلا تنفيذ أوامره ثم تركني وذهب وعادت الأضواء كما كانت ، تركني غارقة في حيرتي وقلقي ، قمت باسترجاع الحديث الذي دار بيننا قال لي عبارة لم أفهمها ، هل عدت للأسئلة ؟ هل علم أني سألت المرأة ؟ من أخبره بذلك ؟ يالي من غبية من المؤكد أن المرأة هي التي أخبرته ، قمت بتساؤل حتى رحت في نوم عميق.
مضى أسبوعاً كاملاً وأنا على هذا الحال مع زوجي كل يوم يمضي مثل الأخر يأتي زوجي في الظلام يتحدث معي بعض الأحاديث ثم يخرج ، حتى أنه لم يقاربني ولم يبدو رغبته بذلك وهذا مما زاد في حيرتي ، في صباح أحد الأيام كنت جالسة في غرفتي أتناول طعام الفطور وكانت بجواري خادمة صغيرة في السن نوعاً ما ويبدو إنها ثرثارة انتهزت الفرصة وسألتها بعد أن أطمئنت : هل شاهدتي زوجي ؟ خافت واضطربت فقلت لها مهدئة : لا تخافي لن أخبر أحد بما ستقولينه أعذك بذلك . قالت لي بصوت منخفض : لا لم يشاهده أحد حتى العجوز التي خطبتك إليه لم تشاهده . أصبت بالدهشة كنت أعتقد أن الجميع شاهده إلا أنا وقلت لها : وكيف لم تروه وهو يعطيكم الأوامر وأنتم تنفذون ، قالت : يتصل بالهاتف ويخبرنا بما يريد ، أن كنت قد جلست معه فأنت محظوظة فنحن لم نجلس معه ولم نشاهده والكثير منا يتساءل عن هذا الرجل الغامض ،حتى نحن ممنوع علينا الأسئلة ، نعم لقد تذكرت شيئا هناك رجل أعتقد أنه رآه فقد كان دائما يتحدث باسمه . قلت لها : ربما كان مثلكم لم يشاهده . قالت لي : نحن جميعا نعتقد ذلك . قلت لها : لا بأس سأعرف حقيقة الأمر مع الأيام ، والآن انصرفي ولا تخبري أحد بما دار بيننا وكذلك أنا سأفعل . حقيقة كنت لا أريد أن يعلم أحد بما دار بيننا كما وعدتها ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن فقد جاءت لي المرأة المحجبة بعد يوم من الحديث السري وعلى وجهها علامات الغضب وقالت لي : ألم ننهك عن إلقاء الأسئلة ؟ لماذا لم تلتزمي بوعدك لنا ؟ أن السيد غاضب جدا من تصرفك ، المسكينة لقد طردت من عملها بسببك أنت ، كانت تعيل أسرتها الفقيرة وأنت قطعتي رزقها ورزق أسرتها بتصرفك الأرعن . لقد حلت على رأسي كلماتها كالصاعقة ، تجمدت مكاني لم أعرف ماذا أقول أو ماذا أفعل ، لم أكن أقصد السوء ما الذي فعلته للمسكينة ؟ قلت لها والدموع تملئ عيني : لم أكن أقصد ذلك . قالت بنبرة مليئة بالغضب : كفي عن التصرف كالأطفال ، أن السيد غاضب وهو يقول لك أنه لن يحضر لزيارتك لقد هجرك . قالت كلماتها وانصرفت وتركتني في حالة يرثى لها ، أخذت بالبكاء ولازمت غرفتي ولم أخرج منها حتى أخوتي لم أذهب لرؤيتهم ، مضى أسبوعان على الحادثة وقلبي يعتصر ألما وضميري يقتلني ألف مرة في اليوم من أجل المسكينة التي طردت من عملها بسببي ، لكن من أخبره بما دار بيننا ؟ من المستحيل أن تخبره هي ، ربما سمعنا أحد وأخبره ولكن كان صوتنا منخفض جدا يستحيل أن أحد سيسمعنا أحد والباب مقفل ، إلهي هذا البيت سيصيبني بالجنون ، زوجي هجرني وأنا في بداية حياتي الزوجية يالي من فاشلة ، قطع حب أفكاري طرق على الباب ذهبت لأرى من الطارق فوجدت المرأة المحجبة في الخارج دعوتها للدخول فدخلت ثم قالت: لقد جاء أمر من السيد بأن نخبرك بأنه سوف يأتي لزيارتك مع حلول الظلام فاستعدي ، السيد ذو قلب كبير وطيب ومن الواضح أن الغضب سكت عنه لذلك حاولي كسب رضاه لأنك أن لم تستطيعي ذلك فستخسرينه للأبد .
يتبع نهضت من فوري وقمت بالاستعداد لملاقاة زوجي ، لبست أرقى الثياب وتزينت بأجمل المجوهرات وتعطرت بأحلى العطور ، نظرت في المرأة ووجهت الخطاب لنفسي وقلت : يبدو مظهري جيد سوف أثبت للجميع بأني لست طفلة بل امرأة ناضجة ، جاءت أحد الخادمات تخبرني أن كنت أريد أمرا ما قبل انصرافهن لأن السيد يوشك على القدوم ، حل الظلام ولكني لم أكن خائفة هذه المرة بل مليئة بالإصرار والعزيمة على نيل رضاه ، جاء وجلس على الأريكة التي بجواري بادرته بالحديث فلقد أعتدت عليه وأصبحت أعرف تحركاته من أنفاسه ومن رائحة عطره قلت له : كيف حالك يا زوجي العزيز لقد اشتقت إليك . قال لي وهو يقلدني في الحديث : الحمد لله يا زوجتي العزيزة . قلت له : أنا أسفه عما بدر مني ، أشكرك على الفرصة التي منحتني إياها أعذك بأن أكون نعم الزوجة . قال لي وهو مبتسم علمت ذلك من طريقة كلامه : لا عليك يا منتهى لقد سامحتك لأنك ما تزالين صغيرة وغير معتادة على الوضع الجديد والحياة الجديدة ، وأنا أيضا أحاول أن أكون زوج صالح لك . تحركت من مكاني فاصطدمت به فتراجعت خجلة وقلت له: أنا أسفه الظلام يجعلني لا أرى شيء . قال لي : لا داعي للاعتذار فأنت زوجتي وأنا زوجك . بعد مضي بعض من الوقت قلت له : هل لي بطلب صغير ولكن بدون غضب أرجوك .
سمح لي بالحديث فقلت : هل من الممكن أن تصف لي شكلك الخارجي حتى أكون لك صورة في خيالي . لم يتحدث فخفت من أن طلبي لم ينال إعجابه ، امسك يدي ووضعها على رأسه وقال لي: كوني صورتي في مخيلتك عن طريق إحساسك . وضعت يدي على شعره أتحسسه فقلت له : شعرك أملس وطويل بعض الشيء ، انتقلت إلى وجهه وقلت : حاجباك مقوسان ، عينيك واسعتان، انفك طويل ومستقيم ، وجنتاك منتفختان بعض الشيء ، شفتيك صغيرتان ، شاربك خفيف الشعر ،أنت غير ملتحي . مسكت بذارعه كانت طويلة بعض الشيء وقوية ،اقتربت منه لأرى أن كان أطول مني أو أقصر وجدته أطول مني قليلاً ، قلت في نفسي لكني لم أشعر بالتشوه في وجهه فلم يكن هناك نذبه أو غيرها ، ربما كان التشوه عن طريق لون العين اليمنى بلون واليسرى بلون أخر ، ولكن حينها سيكتفي بارتداء نظارة سوداء ، إلهي أن بقيت على هذا الحال سوف أجن قريبا ، قطع حبل أفكاري صوت معدتي الجائعة سمعته يضحك ويقول : هيا بنا لتناول طعام العشاء . أطعمني بيده وبعد الانتهاء من الطعام ساعدني على غسل يدي لأني لا أرى شيئا ، استلقى على السرير وقال لي : تعالي بجانبي أريد أن أحس بأنك لي لوحدي . انصعت لأوامره وأنا خجلة فقال ليخفف من توتري : لقد تعبت اليوم كثير في العمل . قلت له بكل غباء ودهشة : هل تعمل ؟. سمعته يضحك ثم قال : نعم أعمل ، أن لم أكن أعمل من أين قدمت هذه الثروة ، هل تحسبيني لص ؟ بعد برهة قلت له : هل أستطيع أخبارك بشيء ولكن بدون غضب . أكملت حديثي بعد أن سمح لي ، قلت : كنت أعتقد سابقا بأنك من الجن ولست من البشر . أنفجر ضاحكا وقال: من الجن ؟ والآن ماذا تعتقدين ؟ قلت بخجل شديد : أنا الآن اعتقد بأنك من البشر وخاصة بعد أن وضعت يدي على رأسك ووجهك . قال لي : الحمد لله أنك في الأخير تيقنتي ذلك . أخذ يقترب مني شيئا فشيئا وكان حنون وعطوف ، أخذ يتغزل بجمالي وحسني ويمتدح صفاتي حتى أغمضت جفني ورحت في نوم عميق .في صباح اليوم التالي فتحت عيني وكلي أمل بأن يكون نائما بجواري ولكني لم أشاهده بل شاهدت قميص له قد نسيه على الفراش ، مسكته بيدي وأخذت أشتم عطره الرائع ، وضعته في مكانه ونهضت من فراشي ، مر يومي ببطء شديد ورتابة مملة وكنت متشوقة لقدوم الليل.
مرت الأيام والشهور ونحن على الحالة نفسها يأتي زوجي في الليل ويرحل قبل شروق الشمس ، أعتدت على الظلمة وعلى وجوده بجانبي ، لم أعاد أخاف منه بل اشتاق إليه ، كنت أترقب الليل بفارغ الصبر كي التقي به ، تعلقت به كثيرا وأصبح هو كل عالمي على الرغم من أني لا أستطيع أن أراه ، كان يكفي أن يراني هو ، كل ليلة أتفنن في التزين والتجمل من أجله ولأكون بعينه أجمل امرأة ، لم يعد مهم عندي أن يكون مشوه أو قبيح أو وسيم فقط أنا مهتمة بأن أكون سعيدة معه ولست أنا فقط بل وأخوتي أيضا .
في أحد الأيام كنت أتحدث معه وأخبر بما حدث لي في النهار ففوجئت بأنه يعلم قبل أن أخبره ، لم يتفوه بكلمة وأدرك بأنه قال شيء ينبغي أن لا يقوله ، صمتنا بعض الوقت ثم قال: أن المنزل به الكثير من أجهزة المراقبة وهي منتشرة في كل مكان وكل ما يحدث في المنزل أعلم به . قمت من مكاني غاضبة وقلت هل تراقبني ألا تثق بي ؟ أخذت بالبكاء وهو صامت لا يتكلم قلت له وأنا أبكي : تكلم أرجوك ، ألم يعد لي في هذا المنزل احترام ، زوجي غامض لا استطيع حتى رؤيته ولا يمكنني إلقاء الأسئلة وإذا سئلت قامت القيامة على رأسي ، حتى حريتي الشخصية لا استطيع امتلاكها كسائر البشر لماذا أنا فقط من يحدث لي ذلك؟ الآن عرفت من أخبرك بشأن الخادمة المسكينة التي طردتها من المنزل ، يالي من غبية كل يوم أخبرك بما حدث معي وأنت تعلم بها ، يالي من سخيفة . حلت كلماتي على رأسه كالسيف القاطع لقد علمت ذلك من خلال تنفسه المضطرب ودقات قلبه المتسارعة ، أخيراً تحدث وقال : أنا أسف يا منتهى لقد فهمتني بشكل خاطئ . قلت له وأنا غاضبة : اصمت لا أريد أن أسمع صوتك ، أرجوك أخرج من غرفتي لا أريد أن تكون موجود هنا ، أرحل ، أرحل ، أن لم ترحل أنت أنا من سيرحل . سرت بخطوات مبعثرة فاصطدمت بالحائط وسقطت على الأرض وفي أثناء سقوطي أرتطم رأسي بالكرسي القريب مني فآلمني ذلك كثيراًً ، جاءني مسرعا وقال : حبيبتي منتهى هل أصابك مكروه . قام برفعي عن الأرض قلت له : أتركني وأخرج لا أريدك هنا . قال سوف أخرج اهدئي . تركني ثم خرج وأخذت بالبكاء ، عادت الإضاءة كما كانت فرفعت نفسي من على الأرض ورميت نفسي على فراشي باكية ، أمضيت الليلة على هذه الحالة وفي الصباح جاءت السيدة المحجبة تقول : صباح الخير يا سيدتي ، كيف حالك ، هل تناولتي الفطور ؟ قلت لها : صباح الخير ، لقد تناولته.
قالت لي : لقد أمرني السيد بأن أخبرك بأنه سيسافر بعض الوقت من أجل الأعمال وما أن تنتهي سوف يعود . أخذ بي الغضب كل مأخذ وقلت في نفسي: جبان لقد هرب من أول مشكلة تعرضنا لها ، لو لم يكن جبان لما اختفى في الظلام حتى لو كان مشوه الوجه .
يـــــــــــــــــــــتبع نتابع القصه
الأيام تمر وقد قارب الشهر على الانتهاء وزوجي لم يعد ولم يتصل فقط رحل بدون مقدمات مثلما دخل حياتي بدون مقدمات،خفت من أن مكروه قد أصابه ، كيف أصف لكم حياتي من دونه كل يوم بكاء وعويل ، لم أعد أتناول طعامي ولم أعد أهتم بنفسي أو بأخوتي ، حتى الاستحمام لم أعد أستحم كل ما أفعله البكاء ، كنت أدعوا الله من كل قلبي أن يعود لي سالما معافى، كنت أمسك بقميصه الذي تركه أعانقه وأشتم عطره وأبكي ، لقد اشتقت إليه واشتقت إلى وجوده بجانبي ، اشتقت إلى ظلمته التي حولها إلى نور في قلبي ، اشتقت إلى كلماته العذبة وصوته الحنون ، اشتقت إلى ذراعيه التي تطوقاني لتشعرني بأن الحياة لا تزال جميلة ، اشتقت إلى صدره الحنون الذي أضع رأسي عليه لأنسى العالم بأسره وأتذكره هو فقط ، لقد أحببته بكل جنون ،أحببت شخص لم أره بعيني إنما رأيته بقلبي ، على الرغم من أنه لم يكن يتحدث عن نفسه إلا أنني عرفته من خلال طريقته في التعامل معي من خلال عطفه وحنانه وطيبة قلبه عليَّ وعلى أخوتي كأنه أب حنون لنا ، رأتني السيدة المحجبة على هذه الحالة فتقطع قلبها من منظري وأنا حزينة ، لم يكن بوسعها إلا الدعاء لي وله بالسلامة ، قلت لها : أرجوكم أخبروني ولو بالشيء القليل عنه ، أرجوكم أكاد أموت من دونه ، ثم أجهشت بالبكاء ربتت على كتفي وقالت : يا صغيرتي هوني عليك ، لابد أنه بخير ولكن الأعمال من أخرته عنا ، لا تقلقي سوف يعود سالما لنا بعون الله تعالى . قلت لها : أرجوك ألا تعرفين أحد يمكن أن يدلنا عليه أو على مكانه ؟ قالت : لا أعلم سوف أحاول أن أتذكر . بعض مضي عدة ساعات جاءت تخبرني بأنها تذكرت رجل يدعى حسين وهو صديق مقرب للسيد و كان دائما يحل محل السيد في غيابه والخادمات الآن يبحث عن رقم هاتفه ثم طرق الباب ودخلت الخادمة تقول لقد وجدنا الرقم ، أخذته منها وركضت ناحية الهاتف وطلبت الرقم المدون على الورقة بعد دقائق جاءني صوت أحدهم فقلت : السلام عليكم هل أنت حسين ؟ قال لي: نعم أنا هو من معي ؟ قلت : أنا زوجة بدر بن مرزوق ، لقد مضى على رحيله شهر ونحن لا نعلم عنه شيء وليس من عادته أن يتغيب تلك المدة دون أن يتصل بنا، فهل تعلم عنه شيء ؟ قال لي بعد صمت أستمر عدة دقائق : أنا أسف يا أختي لا أعلم عنه شيء . قلت له باكية : صديقك المقرب ولا تعلم عنه شي أنت أسوء صديق . أغلقت الهاتف في وجهه ثم أخذت بالبكاء والعويل .
مضى شهر أخر على رحيله وأنا في حالة يرثي لها العدو قبل الصديق ، أصبحت كالجثة الهامدة التي لا روح فيها ولا حياة ، حياتي انتهت برحيل حبيبي وزوجي ، قمت وأحضرت سجادة للصلاة صليت وتوسلت لله بأن يرجع لي زوجي سالما معافى ، طلبت منه أن يسامحني لأني طردت زوجي من غرفتي ،وقلت بكل إصرار: بعد أن يعود سوف أعبر له عن أسفي وحزني الشديد على ما جرى مني قبل رحيله ، انتهيت من الصلاة ورأيت قميصه الذي تركه أخذته فهو الذي بقي لي من حبيبي ، اعتنقته وقبلته ووضعته على رأسي وقلت وأنا أبكي : عد لي حبيبي وأعدك أن أضعك تاج على رأسي مثلما أضعك ملابسك على رأسي ، أنا في قمة الحزن والكآبة انطفأت الأضواء وحل الظلام وسمعت صوت خطوات تصعد السلم وتقترب من الغرفة ورائحة عطر أحبها ، إنه زوجي حبيبي لقد عاد ركضت نحو الباب فتحته وركضت ناحية الصوت ألقيت نفسي عليه ، اعتنقته بشدة قبلة جبينه أخذت أشم عطره قلت وأنا باكية : حبيبي ونور عيني وتاج رأسي اشتقت إليك ، سامحني أرجوك ، أقبل يديك أقبل رجليك فقط سامحني ولكن لا ترحل وتتركني أنا من دونك أفقد حياتي وأموت .ضمني إليه بشدة ورفعني من على الأرض وقال لي : حبيبتي لقد اشتقت إليك ولكن أحذري سوف أقع أنا وأنت من أعلى السلم . ابتعدت عنه خجلة وقلت له : أسفه لم أكن أقصد إيذائك ولكن اشتقت إليك . قال لي : كيف حالك يا عروسي ؟ اشتقت إليك وإلى وجودك بقربي وإلى حضنك الدافئ الحنون . قلت له وأنا ممسكة بذراعه بالقوة خوفا من أيتركني ويرحل : حبيبي لماذا غبت عني كل هذه المدة أنت لا تعلم ما الذي حل بي في غيابك ؟ قال لي : أنا أسف حبيبتي لقد كنت في وضع صعب جدا لذلك غبت كل هذه الفترة ولكن لا يهم ها أن ذا بجوارك . أمضينا الليلة في عتب وغزل وغرام واشتياق ، كم كنت أتمنى أن تقف عقارب الساعة ، كم كنت أرغب بعدم ظهور الشمس ، أحببت الظلام وأحببت أن يظل طوال الوقت وذلك حتى لا أفارق حبيبي قطع تفكري وقال : أرى أن ملابس في يدك ؟ قلت له : نعم هيا كانت تؤنسني في وحشتي . قال : صاحب الملابس معك فلماذا لازلت ممسكة بها ؟ وضعت رأسي على صدره ونمت كأني حرمت النوم لمدة قرنين وليس شهرين .
استيقظت في الصباح ولم يكن موجود بجواري فتضايقت كثيراً ولكني قلت لنفسي الحمد لله على وجود حبيبي معي وهو في غاية الصحة والسلامة ، خرجت من غرفتي وقابلت السيدة المحجبة على السلم وقالت لي بعد إلقائها التحية والسؤال عن صحتي : لقد أمرني السيد بأن أخبرك بأنه يجب أن تجمعي أغراضك وأغراض أخوتك لأنكم سوف تنتقلون من هنا إلى مكان أخر. لم أسألها عن سبب ذلك ولم اعترض فقط نفذت بكل رحابة صدر فقط لأنه صادر من حبيبي وأن هذا العمل سوف يجعله يحبني أكثر ، انتهيت من جمع الأغراض وجاءت سيارة وأقلتنا إلى منزل صغيرا جدا وقديم ولا يوجد به إلا مستلزمات الحياة الضرورية وكذلك كان بعيد عن كل أنواع الرفاهية التي كانت موجودة في منزلنا الكبير ، قال لي السائق : أمكثي هنا سيدتي حتى يأتي السيد في المساء . جلست أنتظر قدوم حبيبي بكل شوق وحب ولهفة ، أخيرا جاء الليل وخيم السكون وأظلم المكان وعلمت بأن زوجي قد جاء فقمت لترحيب به ، قال لي بعد أن جلس واستقر : حبيبتي أنا أسف سيكون هذا منزلنا وذلك لأنني خسرت كل ثروتي وأملاكي حتى المنزل سوف يباع في المزاد العلني . كان يتحدث والحزن يبدو واضحا عليه لذلك حزنت عليه وقلت له : حبيبي ونور عيني هون عليك أن خسرنا الأموال مازلنا نملك الصحة وهي أهم شيء وغدا ربنا سيعوض ما خسرناه ، في المستقبل سيكون لدينا أطفال وسيكونون كل ثروتنا ، حبيبي أن كان بشأن هذا المنزل فلا بأس عندي أهم شيء عندي أن تكون بجواري ولاتهمني الأموال ، إذا كان باستطاعتي المساعدة سوف أساعد بكل طاقتي حتى لو اضطررت للعمل وفي أي مجال . شدني إليه وعانقني وقبل جبيني وقال لي : أنت نعم الزوجة وأنا أحمد ربي على الزواج منك . سعدت لكلماته فقد استطعت تحقيق ما رغبت به بأن أكون زوجة صالحة ، قال لي : أنا أسف يا حبيبتي لن يكون لدينا خدم سوف نقوم بكل الأمور بأنفسنا . قلت له : لا بأس، أهم شيء أريد أن أراك سعيدا ولا تقلق بشأن المنزل سوف أتدبر أمره ، دعني أرد لك ولو شيء قليل من جميلك عليَّ وعلى أخوتي . وهكذا بدأت العمل في المنزل كسيدة حقيقية أغسل وأمسح وأطبخ ، زوجي يخرج من طلوع الشمس ولا يعود إلا في الليل ، أخوتي مازالوا يتعلمون في المدرسة نفسها وأنا أساعدهم ، أمضينا حياتنا في سعادة وهناء .
يتبع نتابع مع الجزء الأخير
في أحد الليالي بينما كنت أعمل أحسست بألم شديد في بطني ورأسي وأحسست بأن الأرض تدور بي ولم أتمالك نفسي وسقطت على الأرض وكان أخر ما سمعته صوت زوجي يصرخ ويقول : حبيبتي ما الذي حل بك ؟ فتحت عيني وأنا في مكان غريب كأنه مشفى وهناك شخص نائم على فراشي وممسك بيدي ، تحركت بكثرة حتى يستيقظ ، استيقظ ورفع رأسه رأيته فهلعت مما رأيت أو لم أفهم ما رأيت فنظرت إلى الأرض وقلت خائفة : من أنت ؟ وسحبت يدي من يده ، قال بصوت ثقيل من أثر النوم والبكاء : حبيبتي هل أنت بخير ؟ لقد خفت عليك كثيرا، أنا من دونك لا حياة لي . لم أفهم ما يقول وقلت له باستغراب من أنت ؟ قال لي : أنا بدر زوجك حبيبتي . دهشت ثم أغمضت عيني وأبعدت وجهي فقال لي : حبيبتي لماذا تبعدين وجهك عني ولماذا تغمضين عينيك ؟.قلت له وأنا خائفة ولا أزال مغمضة عيني : أن الشمس قد تجلت في كبد السماء وأن المكان مليء بالأضواء وأنا لن أنكث وعدي لك أبدا . أمسك بيدي بكل حنان وقال : أنت في حل من وعدك ، هيا حبيبتي ألا تريدين رؤية حبيبك ؟. كنت خائفة وأقول في نفسي : حتى لو كنت مشوه فأنا أحبك ،حتى لو كانت أحدى عينيك مختلفة عن الأخرى سأظل أحبك كيفما كنت وكيفما كان وجهك جميل أم قبيح ،فتحت عيني ورفعت رأسي ونظرت إليه وصدمت مما رأيت فقد رأيت جمال لم أشاهد له مثيل ، قلت سبحان الذي خلق كل هذا جمال أنا لا أصدق عيني ، هل أنت أبن لنبي الله يوسف عليه السلام ، هل أنت من الملائكة أم من البشر ، من أنت ؟ سمعته يضحك بقوة وقال : في السابق تقولين من الجن والآن تقولين من الملائكة ، حبيبتي أنظري لي أنا من البشر . قبلني على جبيني وقال لي : الحمد لله على سلامتك لقد كنت حامل وفقدتي جنينك ، أنا أسف حبيبتي لقد حملتك فوق طاقتك بأعمال المنزل . قلت له : حبيبي هذا ما كتبه الله علينا ما علينا إلا الصبر والله سيعوضنا بخير منه في المستقبل مع أن الفكرة تسعدني بأن أكون أم لطفلك ، حبيبي أنت أجمل من نبي الله يوسف . ضحك وقال لي : هل رأيته حتى تحكمي؟
قلت له : حتى لو لم أره ستكون أنت الأجمل في نظري . قال لي كيف صورتني في ذهنك ؟ قلت له بخجل: كنت أعتقد بأنك مشوه أو قبيح وكنت أحبك بالرغم من ذلك وسأظل أحبك لنهاية حياتي.
ضحك وقال : ليتني كنت قبيح ثم صمت وأحسست بأنه أصبح حزين ثم تابع وقال الآن سوف انصرف وسأعود في الغد . قلت له : حبيبي لا تتركني . قال وهو يلبس معطف طويل ويخفي وجهه : سوف أعود . أنصرف وكنت في حيرة من تصرفه الأخير .
مضت ثلاثة أيام وأنا في المشفى وزجي يأتي كل يوم لزيارتي وكان يغطي نفسه بذلك المعطف في دخوله وخروجه ولقد ذبحني الفضول ولكني بقيت صامتة ، تماثلت للشفاء ثم أعددت نفسي للخروج من المستشفى وبعد أن انتهيت جاء لاصطحابي وذهبنا للمنزل ، استقبلني أخوتي بكل سعادة جلست معهم أضمهم إلى صدري وزوجي خرج وقال سيأتي في الليل كالمعتاد ، غربت الشمس وأنا أنتظر دخول زوجي في أي لحظة ولكن الإضاءة لم تنطفئ فجعلني ذلك في حيرة من الأمر ، دخل زوجي وما أن رأيته حتى قلت في نفسي : سبحان الله على هذا الجمال وكنت خجلة من نفسي فهو أجمل مني بكثير ولكنه كان دائم التغزل بجمالي ،هل يراني جميلة حقا ؟ ، أغمضت عيني وتوجهت إليه وقلت : حبيبي ونور قلبي حللت أهلا ونزلت سهلا . ضحك على عبارتي الأخيرة وقال لي : أهلا بك حبيبتي ، لماذا تغمضين عينيك ؟ قلت له لقد أحببت ظلمتك واعتدت عليها وهناك أمر أخر أخاف أن تصاب بالحسد . قال لي : لا عليك حبيبتي أفتحي عينيك فقد رحل الظلام وحل النور وذلك بسبب وجودك معي ومحبتك لي ، حبيبتي لابد أن في رأسك الكثير من الأسئلة ترغبين في الحصول على إجابتها ، هيا لن أغضب منك . قلت له : لماذا يلفك الغموض ، لماذا تختفي في النهار وتظهر في الليل ، أين تذهب في النهار ، لماذا لم يشاهدك أحد، لماذا تخفي جمالك وتوهم الناس بأنك مشوه هل تعلم كنت أعتقد بأنك مسخ أو من الجن لذلك لا تظهر أمام عيني ؟ . قال لي : حبيبتي كل هذه الأسئلة في رأسك ، حسنٌ سوف أجيب عليها شيئا فشيئا ، أولا لماذا أخفي جمالي ؟ حبيبتي لقد شاهدتي جمالي وصدمت وذلك لأنه غير طبيعي ، هذا الجمال نعمة من الله على الإنسان ولكن أنا أصبح لي بمثابة نقمة ، توفيت أسرتي مع من توفي بسبب الوباء الذي أنتشر في ذلك الوقت وبفضل الله بقية أنا على قيد الحياة، تركت أسرتي لي ثروة طائلة، رعاني صديق أبي المقرب خير رعاية وأهتم بأموالي إلا أن كبرت وتوليت الأمر بنفسي ، كان ولده بمثابة أخي لي ولحسن حظي أن زوجته وبناته توفوا كذلك ، كنت معروف بالجمال منذ الصغر لذلك كنت محط أنظار الفتيات ، عندما أصبحت في سن المراهقة أزداد جملي بزيادة رجولتي ،أخذت الفتيات بملاحقتي وأن كن أكبر مني في السن ، عندما أصبحت رجلا أخذت الفتيات بدعوتي للرذيلة ولسن هن الوحيدات حتى الذكور كانوا يدعونني للرذيلة ولكنني والحمد لله بعيد كل البعد عن الرذيلة ، ضاقت بي الأرض بما رحبت فأينما أذهب أجد العيون تلاحقني وتراقبني وكل ما أريد يتحقق لي من أجل جمالي أولا ثم لأموالي وأينما أذهب طلب الرذيلة يلاحقني وبشكل صريح ، سبب لي الوضع الكثير من الأمراض النفسية فأصبحت أخاف من الخروج وأخاف من كل شخص جديد أتعرف عليه ، لزمت المنزل ولم أخرج منه إلا ناذرا وبتغطية جميع جسدي كأنني امرأة ، كرهت نفسي وكرهت جمالي وحاولت مرارا تشويه نفسي ولكن صديقي ووالده يمنعاني من ذلك فأستغفر الله وأزيح هذه الفكرة عن تفكري ، كنت أدير أعمالي من خلال صديقي الذي له الحق بالتصرف في الأعمال مثلي تماما ، في أحد الأيام عرض صديقي عليّ فكرة الزواج فكرت بالموضوع ثم وافقت وقال بأنه سمع عن فتاة يتيمة ترعى أخوتها وهي فتاة صالحة متواضعة وافقت على ذلك ولكني كنت خائف منك فربما كنت تريدين الزواج مني بسبب جمالي أو أموالي مثل الآخرين ، البيت مراقب بأحدث أجهزة المراقبة حتى أطمئن بأن أحدا لن ينتهز فرصة غيابي عن المنزل في التصرف على هواه. قلت له : ولكني زوجتك ويحق لي رؤيتك ثم أكملت ساخرة وهل سأدعوك للرذيلة ؟. قال لي : أنا أسف لأني عاملتك بتلك الطريقة ، كان يجب أن أتيقن بأنك تحبينني من أجلي لا لأمر أخر، كنت أريد أن تكوني زوجة صالحة والحمد لله وجدتك نعم الزوجة . قلت له : وكيف تيقنت بأني الزوجة التي تريد ؟ . قال لي : الزوجة التي تضحي من أجل أخوتها على حساب حق من حقوقها لهي نعم الزوجة ، لقد غضبت منك في بادئ الأمر وتغيبت عنك بعض الوقت لأرى كيف تتصرفين إزاء الموقف الذي أنت بصدده ولقد أعجبني ، في المرة الثانية لقد كنت في مستشفى الأمراض النفسية لأخذ العلاج المناسب للشفاء والعودة إليك بأحسن حالة ولنحيا حياة طبيعية مثل كل البشر ، كان صديقي يرسل لي أخبارك يوميا وقد كنت أشتاق إليك كثير ولكن مرضي منعني من العودة ، أخبرني صديقي بالحالة التي وصلت لها في غيابي وقد تقطع قلبي على الوضع الذي وصلتي إليه بسببي ، ثم عدت إليك يملئني الشوق لك ولكن بقي أمر واحد أحببت أن اتأكد منه نقلتك إلى منزل صغير بعيد عن الرفاهية لأرى هل ستصمدين أم ستتراجعين ، عندما سقطت على الأرض كنت أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني ولا يصبك مكروه من جراء حمقي وأنانيتي وعدم ثقتي بك ، كدت أصاب بالجنون عندما أحسست بأني سأفقدك ، سأفقد الإنسانة الوحيدة التي أحبتني بصدق ، أنا أسف حبيبتي وسأكون على أتم الاستعداد لتقبل حكمك علي وتنفيذه . سكتت برهة من الزمن ثم توجهت إليه عانقته وقلت له : أنا أحبك وسأظل أحبك وقلبي لا يحمل تجاهك إلا المحبة والإخلاص أبد الدهر . أين تذهب في النهار؟ قال : أعمل من طلوع الشمس حتى غروبها . قلت له : حبيبي أريد منك تلبية طلبي الصغير أكملت بعد أن سمح لي ، حبيبي أريد أن لا تخفي نفسك أبدا بعد اليوم لأنك شيء قدير بالظهور وعدم الاختفاء ، مثلما أحببتك أنا وأحبك صديقك ووالده سيحبك بقية الناس من أجلك أنت لا من أجل شيء أخر وأعذك بأن أكون بجانبك في كل الأحوال ، هناك أمر أخر يجب أن تكف من وضع الناس في اختبارات فعلينا تقبل بعضنا البعض بصفاتنا وأخلاقنا . قال لي : كما تشائين ، هيا بنا لنعود للمنزل الكبير .
جمعنا متاعنا وانتقلنا لمنزلنا الكبير أقصد لقصرنا الضخم ، أمسكت بيده وتوجهنا للخارج وبدون معطف أخذنا نتجول في الشوارع وطبعا الناس تحدق بنا من كل صوب لا أستطيع لومهم على ذلك فقد كان جماله يجبرك على النظر إليه وعدم إزاحة عينيك عنه ، كان كالملاك الهابط من السماء وأخذ بالسير على الأرض، اقتربت منه وقلت له : لا تكترث حبيبي لهم كأنك لا تراهم ، كنت أحس باضطرابه وقلقه شددت على يده وأخذنا بالسير وشيئا فشيئا زال عنه الخوف وصلنا للمنزل الضخم فتحنا الباب ودخلنا واستقبلتنا الخادمات وعيونهن متوجهة على زوجي وقلن : سيدتي من هذا الذي معك ؟ أرجوك دعيه يرحل قبل أن يعلم السيد ويغضب . قال زوجي : يا حمقاء من عادة البشر إلقاء التحية أولا وثانيا أنا سيد هذا المنزل . أمام دهشة الجميع سرنا وصعدنا السلم ووصلنا إلى غرفتنا قلت له همسا : أود اقتلاع عين كل من تنظر إليك منهن فأنت لي وحدي . ضحك وأقترب من أذني وقال : ألم أخبرك سابقا ؟ هل تغارين منهن ؟ قلت له : وكيف لا أغار على حبيبي وزوجي ، حبيبي ما رأيك أن نبيع هذا المنزل ونقطن في المنزل الصغير أنا وأنت وأطفالنا فقط من دون خدم ، حبيبي كل من تنظر إليك هذه النظرة أرغب بتحطيم وجهها ، هل تريد لزوجتك أن تكون مجرمة ؟ قال لي : كما تشائين .
مرت الأيام والشهور والسنوات ونحن على أتم وفاق كنا عون لبعضنا في الشدة والرخاء ، أنجبنا العديد من الأطفال ولكنهم كانوا أقل جمال من والدهم ( طبعا تعرفون السبب ) وهكذا انتهت قصتي ، هل اقتنعتم أن الحب ليس رهن على المظهر الخارجي أنما على أشياء أهم منه :) .
انها أفضل قصة قرأتها فى حياتى
اقرأيها فهى جميلة جدا
يفوتك نص عمرك لو لم تقرأيها
***********************
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصة من احد منتديات بقلم الكاتبة نورقلبي حسين ... حبيت انقلها لكم
فلا اترككم بقلم الكاتبة و مشاعرها
مخطئ من قال أن هناك حب من أول نظرة ، هذا الحب في رأيي حب غرائز وشهوات ، فكيف لي أن أحب شخص وأغرم به أراه لأول مرة فقط من أجل مظهره الجميل والجذاب ، الحب لا يكون إلا بعد العشرة، وقد تمتد هذه العشرة إلى سنوات طوال وسوف أثبت وجهة نظري عندما أروي لكم قصتي .
أنا فتاة في العشرين من العمر ، توفيت أمي وأنا صغيرة السن ثم تبعها أبي بعد فترة بسيطة، تركا لي ثلاثة أطفال أمانة في عنقي فأصبح الأطفال ورثتي التي ورثتها من أهلي، بمعنى أخر فقيرة معدمة لا أجد ما يسد رمقي أنا وأخوتي ، أنا فتاة قليلة الجمال، متوسطة الطول، سمراء البشرة، ملامح وجهي أقرب إلى الصبيان منها إلى الفتيات، ولقد ورثت هذه الصفات من والدي ، لذلك قل الرجال الذين يرغبون بالزواج مني وحتى لو فكر أحدهم بالزواج مني تراجع لأني أرفض ترك أخوتي لوحدهم في المنزل ، حاولت قدر الإمكان إيجاد عمل لي ولكن باءت محاولاتي بالفشل وكانت حياتنا قائمة على الصدقات من قبل أهل الخير والإحسان ، وحتى دراستي لم أكملها واكتفيت بتعليم أخوتي الصغار ربما أصبحوا رجال لهم شأن كبير في المستقبل ، وهكذا تمضي الأيام والشهور والسنوات والحال كما هو عليه ، لقد نسيت أن أخبركم بأن اسمي منتهى .
في أحد الأيام بينما كنت أقوم بتدريس أخوتي وإذا بالباب يطرق، أصابتني الدهشة فليس من المعهود أن يطرق الباب في هذا الوقت المتأخر من الليل ، توجهت للباب لأرى من الطارق فدهشت عندما رأيت امرأة محجبة متوسطة العمر والجمال طويلة بعض الشيء ، تقدمت نحوي وقالت : السلام عليكم ، هل أنت منتهى ؟
قلت والدهشة تملئ عيني : وعليكم السلام ، نعم أنا منتهى تفضلي بالدخول
ثم دخلت المنزل وجلست على الكرسي الموجود في فناء البيت وقالت : أنا قادمة إليك من طرف شخص يدعى بدر بن مرزوق وهو رجل تاجر، معروف بحسن أخلاقه وطباعه وهو رجل صاحب دين وصاحب ثروة ضخمة أيضا ،و لقد طلب مني أن أبلغك بأنه يرغب بالزواج منك.
قلت والدهشة تعلو وجهي : يرغب بالزواج مني ماذا يريد رجل معروف بالثروة الضخمة مني ؟ من أين علم بوجودي ؟
قالت المرأة : هو يعرف كل شيء يرتبط بك لذلك يرغب بالزواج منك ، وهو على أتم الاستعداد لتلبية طلباتك أنت وأخوتك، وسوف يتدبر أمر دراستهم في أرقى المدارس إلى أن يتخرجوا من الجامعة ولو استلزم الأمر سفرهم للخارج من أجل الدراسة أو العمل ، وغير ذلك من الرغبات والأشياء الضرورية للحياة وبكل كرم وسخاء ولكن لديه شرط واحد.
قلت لها وما شرطه ؟
قالت: لن تريه ولن يراه أخوتك وسيكون تعاملك معه في ظلام الليل وسيغادر قبل شروق الشمس وفي النهار من خلال وسيط ، وهناك أمر أخر ممنوع الأسئلة والاستفسار
قلت لها: وكيف سأتزوج من رجل لن أراه حتى لو كان معي في نفس المكان ؟
قالت لي : سأعطيك مهلة للتفكير وسأعود بعد يومين ، لا تنسي الرجل صاحب ثروة كبيرة وكذلك رجل صاحب دين وأخلاق بمعنى أخر فرصة قيمة يجب عليك انتهازها
قلت : سوف أفكر بالأمر.
ودعتني وانصرفت وأخذت معها عقلي وتفكيري ، هل حقا ما تقول ؟ هذا أغرب شيء سمعته ، ربما كان مشوه الوجه أو قبيح ولا يريد أحد أن يراه ، الساعات تمضي وأنا حائرة لا أعرف ما يجب عمله ، أفكر بأخوتي وكيف أن هذا الزواج سيعود بالمنفعة عليهم وعليّ أنا الأخرى ، ثم أتراجع وأقول ولكن كيف سأتزوج رجل لن أستطيع رؤيته طوال حياتي ، إلهي ساعدني رأسي سوف ينفجر.
مضى يومان وأتت المرأة تسألني عن قراري فقلت لها : توكلت على الله أنا موافقة من أجل أخوتي
قالت: على بركة الله سوف أرتب مسائل الحفل بالكامل وما عليك إلا تنفيذ ما أقول ، لقد تذكرت شيئاً مهم عند عقد القران لن يكون السيد موجود بل رجل له الحق بنيابة عن السيد وتذكري دائما ممنوع إلقاء الأسئلة
قلت : لا بأس في ذلك .
تم عقد القران وكانت حفلة الزفاف حفلة أسطورية حضرها الكثير من نساء كبار الدولة ، كانت الحفلة في مكان كبير جداً ، كانت هناك طاولات كثيرة مليئة بالطعام ،والشراب، والزهور، والعطور، والشموع ، كانت هناك فتيات صغيرات تتجول في مكان الحفل وكن جميلات كأنهن اللؤلؤ المنثور، أنا كنت قريبة الشبه بساندريلا إلا أنها أكثر جمالاً مني ، كان فستاني رائع وجميل . انتهى حفل الزفاف وقامت مجموعة من النسوة بتغطية بغطاء سميك من رأسي حتى أخمص قدمي ثم أدخلوني في منزل كبير جداً كأنه قصر خرافي من القصور الخرافية التي سمعنا عنها في القصص ، أدخلوني في غرفة رائعة مجهزة بأحدث وأكمل وسائل الراحة وقالوا لي بأن هذه غرفتي ، كنت لا أصدق عيني وأقول في نفسي بأن هذا حلم جميل لا أريد الاستيقاظ منه ، خلعت الفستان ووضعت العقد من على نحري وارتديت ثوب ناعم جميل يصلح للنوم ، عندما انتهيت طرق الباب فدخلت خادمة حسناء تقول لي أن زوجي قد قارب على المجيء لذلك يجب أن أستعد لمقابلته وسوف تساعدني في ذلك، ساعدتني ثم خرجت وفجأة حل الظلام وساد الصمت ، حاولت الرؤيا ولكني لم أستطع حتى يدي قربتها مني لعلي أراها لكن دون جدوى، رفعت يدي لعيني حتى أتيقن بأن جفني ما زال مفتوحاً فعرفت أن الخلل ليس في عيني ، سمعت صوت الباب يفتح وخطوات تتسارع وتقترب مني وكانت هناك رائحة عطر زكية تقترب مني كذلك ، كنت خائفة بل أرتجف من الخوف وقلبي تتسارع دقاته كأنه سيخرج من مكانه ، أحسست أن الجو بارد جدا مع أنه كان معتدل قبل قليل ، سمعت صوت إنسان يتحدث وكان صوته رخيم ناعم يبعث الاطمئنان في القلب ولكن في غير هذا الموضع بالتأكيد ، سمعته يقول : السلام عليكم يا منتهى ، مبروك عليك هذا الزواج . لم أجب واكتفيت بالصمت ،ثم قال لي : هل أنت خائفة يا منتهى ، لا بأس عليك كل فتاة تخاف ليلة زفافها .
استجمعت قوتي وذكرت ربي وقلت : كل فتاة ولكن أنا فتاة وضعي مختلف
قال لي مهدئاً : لا بأس عليك سوف تعتادين على الوضع مع الأيام ،أعذك يا منتهى أن لن يصيبك مكروه إن شاء الله تعالى وأنت في حمايتي ، لن أجعل الخوف يقترب منك أبداً مادمت حياً وحتى لو فارقت الحياة سأجعل من يهتم بك أنت وأخوتك من بعدي ، ثقي بما أقوله لك
قلت له شكرا لك لما فعلت ولما ستفعل لي ولأخوتي
قال لي : الآن علي الانصراف سوف أدعك تأخذي قسطك من الراحة وسوف أعود في مساء الغد
ودعني وانصرف وبعد رحيله بقليل عادت الإضاءة كما كانت قبل رحيله مما جعلني في حيرة شديدة من تصرفه هذا ، وضعت جسدي النحيل على السرير الوفير ورحت في سبات عميق كأني لم أنم ساعة في حياتي
*********************************************
في صباح اليوم التالي استيقظت من النوم وكنت اعتقد أني في حلم ولكن بعد أن جلت ببصري في الغرفة علمت بأنها حقيقة ، نهضت من الفراش وبعد أن انتهيت من إعداد نفسي توجهت للأسفل لأرى أخوتي قمت بالبحث عنهم فلم أجدهم سألتهم عنهم فأخبروني بأنهم في المدرسة الجديدة التي قام السيد بضمهم إليها، فرحت لهذا الخبر ثم توجهت لتناول فطوري ، أكلت بنهم شديد كأني لم أكل يوماً في حياتي حتى الخادمة أخذت تنظر إلي بعين الدهشة فهي لا تعلم بالوضع التي كنت به قبل مجيئي إلى هنا،بعد انتهائي من الطعام قالت لي الخادمة : والآن يا سيدتي سوف أتجول معك في أرجاء المنزل لتتعرفي عليه ، تجولنا في أرجاء المنزل وهي تقول هذه غرفة للضيوف وهذه غرفة للطعام وهذه، وهذه ، وهذه ، خرجنا خارج المنزل وكانت هناك حدائق كثيرة وجميلة وفيها كل أنواع الزهور ، هناك أيضا أماكن للسباحة وأماكن للرياضة وكل هذا محاط بسور كبير وذلك لأن زوجي رجل متدين ، وأنا أتحدث مع الخادمة سمعت صوت أنثوي سمعته من قبل فنظرت للخلف فرأيت السيدة المحجبة قادمة نحوي وتقول : صباح الخير يا سيدتي ، هل نمت جيداً ؟
قلت لها: صباح الخير ، نعم لقد نمت جيداً وكيف لي لا أفعل وأنا أنا على هذا الفراش المريح .
قالت لي : هنيئا لك ، لقد قال لي السيد أن أخبرك بأنه يوجد لدينا سائق في الخارج إذا رغبت في الخروج ، أذهبي حيث تشائين وقتما تشائين دون الرجوع إلى أحد ولكن كوني في المنزل قبل المغيب وهذا أمر وليس طلب .
قلت وأنا مندهشة : هل رأيته.... ؟ لماذا شاهدته أنت ولا أشاهده أنا مع أنه زوجي ؟
قالت لي وملامح الغضب بدت على وجهها : قبل الزواج وافقت على الشرط الخاص بالأسئلة ، لو علم السيد بأنك تلقين الأسئلة لغضب غضباً شديداً ، يا أبنتي السيد ذو قلب كبير وطيب ولكن عند الغضب يتحول إلى شخص أخر فحذري من غضبه .
قالت عبارتها وانصرفت ولم تدع لي مجال للنقاش ، ما هذا الزوج الغريب أن الأمر محير ومربك ، تجولت في الحدائق ومررت بين الزهور استنشق عبيرها وأنا أفكر بهذا الرجل الغريب حتى حان وقت رجوع أخوتي من المدرسة ، استقبلتهم والفرحة تملئ وجوههم ، كل واحد منهم أخد يصف لي مدرسته وأستاذه والأطفال الذين معه ، أنا أنظر إليهم وأنا في كامل السعادة فنسيت زوجي الذي لا أعرف عنه إلا اسمه ، مرت الساعات وأنا مع أخوتي حتى غابت الشمس ، جاءت إحدى الخادمات تخبرني بأنهن في الأعلى ينتظرني من أجل تزييني لاستقبال زوجي ، ذهبت معها إلى الأعلى تنفيذاً لأوامر السيد ، بعد الانتهاء نظرت في المرآة لأجد نفسي فتاة مختلفة فتاة جميلة، جاءت أحداهن بطعام العشاء ووضعته بالقرب مني وقال للأخريات : هيا يا فتيات انصرفن سوف يأتي السيد بعد قليل ، ما أن سمعت كلامها حتى عادت لي حالة الخوف والرهبة التي شعرت بها ليلة البارحة ، ثم حل الظلام بعد انصرافهن ثم جاء زوجي الغامض واقترب مني وقد علمت بذلك من الأنفاس المضطربة ورائحة العطر وصوت الأقدام ، قال بصوت رخيم عذب يزيل الهموم عن الصدر : كيف حالك يا عروس . تنفست الصعداء وقلت بصوت منخفض : أهلا بك .
أخد بالحديث عن أمور مختلفة مثلاً يسألني ماذا فعلت اليوم ؟ وكيف كان أخوتي مع مدرستهم الجديدة وغيرها من الأمور ، أحسست بشيء من الاطمئنان ثم قال لي : ألن تأكلي ؟ قلت له : كيف أكل وأنا يدي لا أراها من شدة الظلام . قال لي : لا عليك سوف أطعمك يبدي ، ألست عروس ؟ قلت له : هل ترى لتطعمني بيدك ؟ قال لي : نعم أرى الطعام وأراك أيضا .
عندها عاد الخوف إلى قلبي وأحسست بالرجفة في جسدي ، قلت له : وكيف تراني في هذا الظلام؟ قال لي : هل عدنا للأسئلة ، لقد أعتدت على الظلمة ، هيا فتحي فمك دعيني أطعمك .
تناولنا طعام العشاء وأخذنا بالحديث عن أمور مختلفة تخصني ولم يتحدث عن نفسه البتة ، توقف عن الحديث وقال: الآن سوف أغادر سوف أدعك تأخذين قسطك من الراحة والنوم، سأراك مساء الغد ، إلى اللقاء . ما كان مني إلا تنفيذ أوامره ثم تركني وذهب وعادت الأضواء كما كانت ، تركني غارقة في حيرتي وقلقي ، قمت باسترجاع الحديث الذي دار بيننا قال لي عبارة لم أفهمها ، هل عدت للأسئلة ؟ هل علم أني سألت المرأة ؟ من أخبره بذلك ؟ يالي من غبية من المؤكد أن المرأة هي التي أخبرته ، قمت بتساؤل حتى رحت في نوم عميق.
مضى أسبوعاً كاملاً وأنا على هذا الحال مع زوجي كل يوم يمضي مثل الأخر يأتي زوجي في الظلام يتحدث معي بعض الأحاديث ثم يخرج ، حتى أنه لم يقاربني ولم يبدو رغبته بذلك وهذا مما زاد في حيرتي ، في صباح أحد الأيام كنت جالسة في غرفتي أتناول طعام الفطور وكانت بجواري خادمة صغيرة في السن نوعاً ما ويبدو إنها ثرثارة انتهزت الفرصة وسألتها بعد أن أطمئنت : هل شاهدتي زوجي ؟ خافت واضطربت فقلت لها مهدئة : لا تخافي لن أخبر أحد بما ستقولينه أعذك بذلك . قالت لي بصوت منخفض : لا لم يشاهده أحد حتى العجوز التي خطبتك إليه لم تشاهده . أصبت بالدهشة كنت أعتقد أن الجميع شاهده إلا أنا وقلت لها : وكيف لم تروه وهو يعطيكم الأوامر وأنتم تنفذون ، قالت : يتصل بالهاتف ويخبرنا بما يريد ، أن كنت قد جلست معه فأنت محظوظة فنحن لم نجلس معه ولم نشاهده والكثير منا يتساءل عن هذا الرجل الغامض ،حتى نحن ممنوع علينا الأسئلة ، نعم لقد تذكرت شيئا هناك رجل أعتقد أنه رآه فقد كان دائما يتحدث باسمه . قلت لها : ربما كان مثلكم لم يشاهده . قالت لي : نحن جميعا نعتقد ذلك . قلت لها : لا بأس سأعرف حقيقة الأمر مع الأيام ، والآن انصرفي ولا تخبري أحد بما دار بيننا وكذلك أنا سأفعل . حقيقة كنت لا أريد أن يعلم أحد بما دار بيننا كما وعدتها ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن فقد جاءت لي المرأة المحجبة بعد يوم من الحديث السري وعلى وجهها علامات الغضب وقالت لي : ألم ننهك عن إلقاء الأسئلة ؟ لماذا لم تلتزمي بوعدك لنا ؟ أن السيد غاضب جدا من تصرفك ، المسكينة لقد طردت من عملها بسببك أنت ، كانت تعيل أسرتها الفقيرة وأنت قطعتي رزقها ورزق أسرتها بتصرفك الأرعن . لقد حلت على رأسي كلماتها كالصاعقة ، تجمدت مكاني لم أعرف ماذا أقول أو ماذا أفعل ، لم أكن أقصد السوء ما الذي فعلته للمسكينة ؟ قلت لها والدموع تملئ عيني : لم أكن أقصد ذلك . قالت بنبرة مليئة بالغضب : كفي عن التصرف كالأطفال ، أن السيد غاضب وهو يقول لك أنه لن يحضر لزيارتك لقد هجرك . قالت كلماتها وانصرفت وتركتني في حالة يرثى لها ، أخذت بالبكاء ولازمت غرفتي ولم أخرج منها حتى أخوتي لم أذهب لرؤيتهم ، مضى أسبوعان على الحادثة وقلبي يعتصر ألما وضميري يقتلني ألف مرة في اليوم من أجل المسكينة التي طردت من عملها بسببي ، لكن من أخبره بما دار بيننا ؟ من المستحيل أن تخبره هي ، ربما سمعنا أحد وأخبره ولكن كان صوتنا منخفض جدا يستحيل أن أحد سيسمعنا أحد والباب مقفل ، إلهي هذا البيت سيصيبني بالجنون ، زوجي هجرني وأنا في بداية حياتي الزوجية يالي من فاشلة ، قطع حب أفكاري طرق على الباب ذهبت لأرى من الطارق فوجدت المرأة المحجبة في الخارج دعوتها للدخول فدخلت ثم قالت: لقد جاء أمر من السيد بأن نخبرك بأنه سوف يأتي لزيارتك مع حلول الظلام فاستعدي ، السيد ذو قلب كبير وطيب ومن الواضح أن الغضب سكت عنه لذلك حاولي كسب رضاه لأنك أن لم تستطيعي ذلك فستخسرينه للأبد .
يتبع نهضت من فوري وقمت بالاستعداد لملاقاة زوجي ، لبست أرقى الثياب وتزينت بأجمل المجوهرات وتعطرت بأحلى العطور ، نظرت في المرأة ووجهت الخطاب لنفسي وقلت : يبدو مظهري جيد سوف أثبت للجميع بأني لست طفلة بل امرأة ناضجة ، جاءت أحد الخادمات تخبرني أن كنت أريد أمرا ما قبل انصرافهن لأن السيد يوشك على القدوم ، حل الظلام ولكني لم أكن خائفة هذه المرة بل مليئة بالإصرار والعزيمة على نيل رضاه ، جاء وجلس على الأريكة التي بجواري بادرته بالحديث فلقد أعتدت عليه وأصبحت أعرف تحركاته من أنفاسه ومن رائحة عطره قلت له : كيف حالك يا زوجي العزيز لقد اشتقت إليك . قال لي وهو يقلدني في الحديث : الحمد لله يا زوجتي العزيزة . قلت له : أنا أسفه عما بدر مني ، أشكرك على الفرصة التي منحتني إياها أعذك بأن أكون نعم الزوجة . قال لي وهو مبتسم علمت ذلك من طريقة كلامه : لا عليك يا منتهى لقد سامحتك لأنك ما تزالين صغيرة وغير معتادة على الوضع الجديد والحياة الجديدة ، وأنا أيضا أحاول أن أكون زوج صالح لك . تحركت من مكاني فاصطدمت به فتراجعت خجلة وقلت له: أنا أسفه الظلام يجعلني لا أرى شيء . قال لي : لا داعي للاعتذار فأنت زوجتي وأنا زوجك . بعد مضي بعض من الوقت قلت له : هل لي بطلب صغير ولكن بدون غضب أرجوك .
سمح لي بالحديث فقلت : هل من الممكن أن تصف لي شكلك الخارجي حتى أكون لك صورة في خيالي . لم يتحدث فخفت من أن طلبي لم ينال إعجابه ، امسك يدي ووضعها على رأسه وقال لي: كوني صورتي في مخيلتك عن طريق إحساسك . وضعت يدي على شعره أتحسسه فقلت له : شعرك أملس وطويل بعض الشيء ، انتقلت إلى وجهه وقلت : حاجباك مقوسان ، عينيك واسعتان، انفك طويل ومستقيم ، وجنتاك منتفختان بعض الشيء ، شفتيك صغيرتان ، شاربك خفيف الشعر ،أنت غير ملتحي . مسكت بذارعه كانت طويلة بعض الشيء وقوية ،اقتربت منه لأرى أن كان أطول مني أو أقصر وجدته أطول مني قليلاً ، قلت في نفسي لكني لم أشعر بالتشوه في وجهه فلم يكن هناك نذبه أو غيرها ، ربما كان التشوه عن طريق لون العين اليمنى بلون واليسرى بلون أخر ، ولكن حينها سيكتفي بارتداء نظارة سوداء ، إلهي أن بقيت على هذا الحال سوف أجن قريبا ، قطع حبل أفكاري صوت معدتي الجائعة سمعته يضحك ويقول : هيا بنا لتناول طعام العشاء . أطعمني بيده وبعد الانتهاء من الطعام ساعدني على غسل يدي لأني لا أرى شيئا ، استلقى على السرير وقال لي : تعالي بجانبي أريد أن أحس بأنك لي لوحدي . انصعت لأوامره وأنا خجلة فقال ليخفف من توتري : لقد تعبت اليوم كثير في العمل . قلت له بكل غباء ودهشة : هل تعمل ؟. سمعته يضحك ثم قال : نعم أعمل ، أن لم أكن أعمل من أين قدمت هذه الثروة ، هل تحسبيني لص ؟ بعد برهة قلت له : هل أستطيع أخبارك بشيء ولكن بدون غضب . أكملت حديثي بعد أن سمح لي ، قلت : كنت أعتقد سابقا بأنك من الجن ولست من البشر . أنفجر ضاحكا وقال: من الجن ؟ والآن ماذا تعتقدين ؟ قلت بخجل شديد : أنا الآن اعتقد بأنك من البشر وخاصة بعد أن وضعت يدي على رأسك ووجهك . قال لي : الحمد لله أنك في الأخير تيقنتي ذلك . أخذ يقترب مني شيئا فشيئا وكان حنون وعطوف ، أخذ يتغزل بجمالي وحسني ويمتدح صفاتي حتى أغمضت جفني ورحت في نوم عميق .في صباح اليوم التالي فتحت عيني وكلي أمل بأن يكون نائما بجواري ولكني لم أشاهده بل شاهدت قميص له قد نسيه على الفراش ، مسكته بيدي وأخذت أشتم عطره الرائع ، وضعته في مكانه ونهضت من فراشي ، مر يومي ببطء شديد ورتابة مملة وكنت متشوقة لقدوم الليل.
مرت الأيام والشهور ونحن على الحالة نفسها يأتي زوجي في الليل ويرحل قبل شروق الشمس ، أعتدت على الظلمة وعلى وجوده بجانبي ، لم أعاد أخاف منه بل اشتاق إليه ، كنت أترقب الليل بفارغ الصبر كي التقي به ، تعلقت به كثيرا وأصبح هو كل عالمي على الرغم من أني لا أستطيع أن أراه ، كان يكفي أن يراني هو ، كل ليلة أتفنن في التزين والتجمل من أجله ولأكون بعينه أجمل امرأة ، لم يعد مهم عندي أن يكون مشوه أو قبيح أو وسيم فقط أنا مهتمة بأن أكون سعيدة معه ولست أنا فقط بل وأخوتي أيضا .
في أحد الأيام كنت أتحدث معه وأخبر بما حدث لي في النهار ففوجئت بأنه يعلم قبل أن أخبره ، لم يتفوه بكلمة وأدرك بأنه قال شيء ينبغي أن لا يقوله ، صمتنا بعض الوقت ثم قال: أن المنزل به الكثير من أجهزة المراقبة وهي منتشرة في كل مكان وكل ما يحدث في المنزل أعلم به . قمت من مكاني غاضبة وقلت هل تراقبني ألا تثق بي ؟ أخذت بالبكاء وهو صامت لا يتكلم قلت له وأنا أبكي : تكلم أرجوك ، ألم يعد لي في هذا المنزل احترام ، زوجي غامض لا استطيع حتى رؤيته ولا يمكنني إلقاء الأسئلة وإذا سئلت قامت القيامة على رأسي ، حتى حريتي الشخصية لا استطيع امتلاكها كسائر البشر لماذا أنا فقط من يحدث لي ذلك؟ الآن عرفت من أخبرك بشأن الخادمة المسكينة التي طردتها من المنزل ، يالي من غبية كل يوم أخبرك بما حدث معي وأنت تعلم بها ، يالي من سخيفة . حلت كلماتي على رأسه كالسيف القاطع لقد علمت ذلك من خلال تنفسه المضطرب ودقات قلبه المتسارعة ، أخيراً تحدث وقال : أنا أسف يا منتهى لقد فهمتني بشكل خاطئ . قلت له وأنا غاضبة : اصمت لا أريد أن أسمع صوتك ، أرجوك أخرج من غرفتي لا أريد أن تكون موجود هنا ، أرحل ، أرحل ، أن لم ترحل أنت أنا من سيرحل . سرت بخطوات مبعثرة فاصطدمت بالحائط وسقطت على الأرض وفي أثناء سقوطي أرتطم رأسي بالكرسي القريب مني فآلمني ذلك كثيراًً ، جاءني مسرعا وقال : حبيبتي منتهى هل أصابك مكروه . قام برفعي عن الأرض قلت له : أتركني وأخرج لا أريدك هنا . قال سوف أخرج اهدئي . تركني ثم خرج وأخذت بالبكاء ، عادت الإضاءة كما كانت فرفعت نفسي من على الأرض ورميت نفسي على فراشي باكية ، أمضيت الليلة على هذه الحالة وفي الصباح جاءت السيدة المحجبة تقول : صباح الخير يا سيدتي ، كيف حالك ، هل تناولتي الفطور ؟ قلت لها : صباح الخير ، لقد تناولته.
قالت لي : لقد أمرني السيد بأن أخبرك بأنه سيسافر بعض الوقت من أجل الأعمال وما أن تنتهي سوف يعود . أخذ بي الغضب كل مأخذ وقلت في نفسي: جبان لقد هرب من أول مشكلة تعرضنا لها ، لو لم يكن جبان لما اختفى في الظلام حتى لو كان مشوه الوجه .
يـــــــــــــــــــــتبع نتابع القصه
الأيام تمر وقد قارب الشهر على الانتهاء وزوجي لم يعد ولم يتصل فقط رحل بدون مقدمات مثلما دخل حياتي بدون مقدمات،خفت من أن مكروه قد أصابه ، كيف أصف لكم حياتي من دونه كل يوم بكاء وعويل ، لم أعد أتناول طعامي ولم أعد أهتم بنفسي أو بأخوتي ، حتى الاستحمام لم أعد أستحم كل ما أفعله البكاء ، كنت أدعوا الله من كل قلبي أن يعود لي سالما معافى، كنت أمسك بقميصه الذي تركه أعانقه وأشتم عطره وأبكي ، لقد اشتقت إليه واشتقت إلى وجوده بجانبي ، اشتقت إلى ظلمته التي حولها إلى نور في قلبي ، اشتقت إلى كلماته العذبة وصوته الحنون ، اشتقت إلى ذراعيه التي تطوقاني لتشعرني بأن الحياة لا تزال جميلة ، اشتقت إلى صدره الحنون الذي أضع رأسي عليه لأنسى العالم بأسره وأتذكره هو فقط ، لقد أحببته بكل جنون ،أحببت شخص لم أره بعيني إنما رأيته بقلبي ، على الرغم من أنه لم يكن يتحدث عن نفسه إلا أنني عرفته من خلال طريقته في التعامل معي من خلال عطفه وحنانه وطيبة قلبه عليَّ وعلى أخوتي كأنه أب حنون لنا ، رأتني السيدة المحجبة على هذه الحالة فتقطع قلبها من منظري وأنا حزينة ، لم يكن بوسعها إلا الدعاء لي وله بالسلامة ، قلت لها : أرجوكم أخبروني ولو بالشيء القليل عنه ، أرجوكم أكاد أموت من دونه ، ثم أجهشت بالبكاء ربتت على كتفي وقالت : يا صغيرتي هوني عليك ، لابد أنه بخير ولكن الأعمال من أخرته عنا ، لا تقلقي سوف يعود سالما لنا بعون الله تعالى . قلت لها : أرجوك ألا تعرفين أحد يمكن أن يدلنا عليه أو على مكانه ؟ قالت : لا أعلم سوف أحاول أن أتذكر . بعض مضي عدة ساعات جاءت تخبرني بأنها تذكرت رجل يدعى حسين وهو صديق مقرب للسيد و كان دائما يحل محل السيد في غيابه والخادمات الآن يبحث عن رقم هاتفه ثم طرق الباب ودخلت الخادمة تقول لقد وجدنا الرقم ، أخذته منها وركضت ناحية الهاتف وطلبت الرقم المدون على الورقة بعد دقائق جاءني صوت أحدهم فقلت : السلام عليكم هل أنت حسين ؟ قال لي: نعم أنا هو من معي ؟ قلت : أنا زوجة بدر بن مرزوق ، لقد مضى على رحيله شهر ونحن لا نعلم عنه شيء وليس من عادته أن يتغيب تلك المدة دون أن يتصل بنا، فهل تعلم عنه شيء ؟ قال لي بعد صمت أستمر عدة دقائق : أنا أسف يا أختي لا أعلم عنه شيء . قلت له باكية : صديقك المقرب ولا تعلم عنه شي أنت أسوء صديق . أغلقت الهاتف في وجهه ثم أخذت بالبكاء والعويل .
مضى شهر أخر على رحيله وأنا في حالة يرثي لها العدو قبل الصديق ، أصبحت كالجثة الهامدة التي لا روح فيها ولا حياة ، حياتي انتهت برحيل حبيبي وزوجي ، قمت وأحضرت سجادة للصلاة صليت وتوسلت لله بأن يرجع لي زوجي سالما معافى ، طلبت منه أن يسامحني لأني طردت زوجي من غرفتي ،وقلت بكل إصرار: بعد أن يعود سوف أعبر له عن أسفي وحزني الشديد على ما جرى مني قبل رحيله ، انتهيت من الصلاة ورأيت قميصه الذي تركه أخذته فهو الذي بقي لي من حبيبي ، اعتنقته وقبلته ووضعته على رأسي وقلت وأنا أبكي : عد لي حبيبي وأعدك أن أضعك تاج على رأسي مثلما أضعك ملابسك على رأسي ، أنا في قمة الحزن والكآبة انطفأت الأضواء وحل الظلام وسمعت صوت خطوات تصعد السلم وتقترب من الغرفة ورائحة عطر أحبها ، إنه زوجي حبيبي لقد عاد ركضت نحو الباب فتحته وركضت ناحية الصوت ألقيت نفسي عليه ، اعتنقته بشدة قبلة جبينه أخذت أشم عطره قلت وأنا باكية : حبيبي ونور عيني وتاج رأسي اشتقت إليك ، سامحني أرجوك ، أقبل يديك أقبل رجليك فقط سامحني ولكن لا ترحل وتتركني أنا من دونك أفقد حياتي وأموت .ضمني إليه بشدة ورفعني من على الأرض وقال لي : حبيبتي لقد اشتقت إليك ولكن أحذري سوف أقع أنا وأنت من أعلى السلم . ابتعدت عنه خجلة وقلت له : أسفه لم أكن أقصد إيذائك ولكن اشتقت إليك . قال لي : كيف حالك يا عروسي ؟ اشتقت إليك وإلى وجودك بقربي وإلى حضنك الدافئ الحنون . قلت له وأنا ممسكة بذراعه بالقوة خوفا من أيتركني ويرحل : حبيبي لماذا غبت عني كل هذه المدة أنت لا تعلم ما الذي حل بي في غيابك ؟ قال لي : أنا أسف حبيبتي لقد كنت في وضع صعب جدا لذلك غبت كل هذه الفترة ولكن لا يهم ها أن ذا بجوارك . أمضينا الليلة في عتب وغزل وغرام واشتياق ، كم كنت أتمنى أن تقف عقارب الساعة ، كم كنت أرغب بعدم ظهور الشمس ، أحببت الظلام وأحببت أن يظل طوال الوقت وذلك حتى لا أفارق حبيبي قطع تفكري وقال : أرى أن ملابس في يدك ؟ قلت له : نعم هيا كانت تؤنسني في وحشتي . قال : صاحب الملابس معك فلماذا لازلت ممسكة بها ؟ وضعت رأسي على صدره ونمت كأني حرمت النوم لمدة قرنين وليس شهرين .
استيقظت في الصباح ولم يكن موجود بجواري فتضايقت كثيراً ولكني قلت لنفسي الحمد لله على وجود حبيبي معي وهو في غاية الصحة والسلامة ، خرجت من غرفتي وقابلت السيدة المحجبة على السلم وقالت لي بعد إلقائها التحية والسؤال عن صحتي : لقد أمرني السيد بأن أخبرك بأنه يجب أن تجمعي أغراضك وأغراض أخوتك لأنكم سوف تنتقلون من هنا إلى مكان أخر. لم أسألها عن سبب ذلك ولم اعترض فقط نفذت بكل رحابة صدر فقط لأنه صادر من حبيبي وأن هذا العمل سوف يجعله يحبني أكثر ، انتهيت من جمع الأغراض وجاءت سيارة وأقلتنا إلى منزل صغيرا جدا وقديم ولا يوجد به إلا مستلزمات الحياة الضرورية وكذلك كان بعيد عن كل أنواع الرفاهية التي كانت موجودة في منزلنا الكبير ، قال لي السائق : أمكثي هنا سيدتي حتى يأتي السيد في المساء . جلست أنتظر قدوم حبيبي بكل شوق وحب ولهفة ، أخيرا جاء الليل وخيم السكون وأظلم المكان وعلمت بأن زوجي قد جاء فقمت لترحيب به ، قال لي بعد أن جلس واستقر : حبيبتي أنا أسف سيكون هذا منزلنا وذلك لأنني خسرت كل ثروتي وأملاكي حتى المنزل سوف يباع في المزاد العلني . كان يتحدث والحزن يبدو واضحا عليه لذلك حزنت عليه وقلت له : حبيبي ونور عيني هون عليك أن خسرنا الأموال مازلنا نملك الصحة وهي أهم شيء وغدا ربنا سيعوض ما خسرناه ، في المستقبل سيكون لدينا أطفال وسيكونون كل ثروتنا ، حبيبي أن كان بشأن هذا المنزل فلا بأس عندي أهم شيء عندي أن تكون بجواري ولاتهمني الأموال ، إذا كان باستطاعتي المساعدة سوف أساعد بكل طاقتي حتى لو اضطررت للعمل وفي أي مجال . شدني إليه وعانقني وقبل جبيني وقال لي : أنت نعم الزوجة وأنا أحمد ربي على الزواج منك . سعدت لكلماته فقد استطعت تحقيق ما رغبت به بأن أكون زوجة صالحة ، قال لي : أنا أسف يا حبيبتي لن يكون لدينا خدم سوف نقوم بكل الأمور بأنفسنا . قلت له : لا بأس، أهم شيء أريد أن أراك سعيدا ولا تقلق بشأن المنزل سوف أتدبر أمره ، دعني أرد لك ولو شيء قليل من جميلك عليَّ وعلى أخوتي . وهكذا بدأت العمل في المنزل كسيدة حقيقية أغسل وأمسح وأطبخ ، زوجي يخرج من طلوع الشمس ولا يعود إلا في الليل ، أخوتي مازالوا يتعلمون في المدرسة نفسها وأنا أساعدهم ، أمضينا حياتنا في سعادة وهناء .
يتبع نتابع مع الجزء الأخير
في أحد الليالي بينما كنت أعمل أحسست بألم شديد في بطني ورأسي وأحسست بأن الأرض تدور بي ولم أتمالك نفسي وسقطت على الأرض وكان أخر ما سمعته صوت زوجي يصرخ ويقول : حبيبتي ما الذي حل بك ؟ فتحت عيني وأنا في مكان غريب كأنه مشفى وهناك شخص نائم على فراشي وممسك بيدي ، تحركت بكثرة حتى يستيقظ ، استيقظ ورفع رأسه رأيته فهلعت مما رأيت أو لم أفهم ما رأيت فنظرت إلى الأرض وقلت خائفة : من أنت ؟ وسحبت يدي من يده ، قال بصوت ثقيل من أثر النوم والبكاء : حبيبتي هل أنت بخير ؟ لقد خفت عليك كثيرا، أنا من دونك لا حياة لي . لم أفهم ما يقول وقلت له باستغراب من أنت ؟ قال لي : أنا بدر زوجك حبيبتي . دهشت ثم أغمضت عيني وأبعدت وجهي فقال لي : حبيبتي لماذا تبعدين وجهك عني ولماذا تغمضين عينيك ؟.قلت له وأنا خائفة ولا أزال مغمضة عيني : أن الشمس قد تجلت في كبد السماء وأن المكان مليء بالأضواء وأنا لن أنكث وعدي لك أبدا . أمسك بيدي بكل حنان وقال : أنت في حل من وعدك ، هيا حبيبتي ألا تريدين رؤية حبيبك ؟. كنت خائفة وأقول في نفسي : حتى لو كنت مشوه فأنا أحبك ،حتى لو كانت أحدى عينيك مختلفة عن الأخرى سأظل أحبك كيفما كنت وكيفما كان وجهك جميل أم قبيح ،فتحت عيني ورفعت رأسي ونظرت إليه وصدمت مما رأيت فقد رأيت جمال لم أشاهد له مثيل ، قلت سبحان الذي خلق كل هذا جمال أنا لا أصدق عيني ، هل أنت أبن لنبي الله يوسف عليه السلام ، هل أنت من الملائكة أم من البشر ، من أنت ؟ سمعته يضحك بقوة وقال : في السابق تقولين من الجن والآن تقولين من الملائكة ، حبيبتي أنظري لي أنا من البشر . قبلني على جبيني وقال لي : الحمد لله على سلامتك لقد كنت حامل وفقدتي جنينك ، أنا أسف حبيبتي لقد حملتك فوق طاقتك بأعمال المنزل . قلت له : حبيبي هذا ما كتبه الله علينا ما علينا إلا الصبر والله سيعوضنا بخير منه في المستقبل مع أن الفكرة تسعدني بأن أكون أم لطفلك ، حبيبي أنت أجمل من نبي الله يوسف . ضحك وقال لي : هل رأيته حتى تحكمي؟
قلت له : حتى لو لم أره ستكون أنت الأجمل في نظري . قال لي كيف صورتني في ذهنك ؟ قلت له بخجل: كنت أعتقد بأنك مشوه أو قبيح وكنت أحبك بالرغم من ذلك وسأظل أحبك لنهاية حياتي.
ضحك وقال : ليتني كنت قبيح ثم صمت وأحسست بأنه أصبح حزين ثم تابع وقال الآن سوف انصرف وسأعود في الغد . قلت له : حبيبي لا تتركني . قال وهو يلبس معطف طويل ويخفي وجهه : سوف أعود . أنصرف وكنت في حيرة من تصرفه الأخير .
مضت ثلاثة أيام وأنا في المشفى وزجي يأتي كل يوم لزيارتي وكان يغطي نفسه بذلك المعطف في دخوله وخروجه ولقد ذبحني الفضول ولكني بقيت صامتة ، تماثلت للشفاء ثم أعددت نفسي للخروج من المستشفى وبعد أن انتهيت جاء لاصطحابي وذهبنا للمنزل ، استقبلني أخوتي بكل سعادة جلست معهم أضمهم إلى صدري وزوجي خرج وقال سيأتي في الليل كالمعتاد ، غربت الشمس وأنا أنتظر دخول زوجي في أي لحظة ولكن الإضاءة لم تنطفئ فجعلني ذلك في حيرة من الأمر ، دخل زوجي وما أن رأيته حتى قلت في نفسي : سبحان الله على هذا الجمال وكنت خجلة من نفسي فهو أجمل مني بكثير ولكنه كان دائم التغزل بجمالي ،هل يراني جميلة حقا ؟ ، أغمضت عيني وتوجهت إليه وقلت : حبيبي ونور قلبي حللت أهلا ونزلت سهلا . ضحك على عبارتي الأخيرة وقال لي : أهلا بك حبيبتي ، لماذا تغمضين عينيك ؟ قلت له لقد أحببت ظلمتك واعتدت عليها وهناك أمر أخر أخاف أن تصاب بالحسد . قال لي : لا عليك حبيبتي أفتحي عينيك فقد رحل الظلام وحل النور وذلك بسبب وجودك معي ومحبتك لي ، حبيبتي لابد أن في رأسك الكثير من الأسئلة ترغبين في الحصول على إجابتها ، هيا لن أغضب منك . قلت له : لماذا يلفك الغموض ، لماذا تختفي في النهار وتظهر في الليل ، أين تذهب في النهار ، لماذا لم يشاهدك أحد، لماذا تخفي جمالك وتوهم الناس بأنك مشوه هل تعلم كنت أعتقد بأنك مسخ أو من الجن لذلك لا تظهر أمام عيني ؟ . قال لي : حبيبتي كل هذه الأسئلة في رأسك ، حسنٌ سوف أجيب عليها شيئا فشيئا ، أولا لماذا أخفي جمالي ؟ حبيبتي لقد شاهدتي جمالي وصدمت وذلك لأنه غير طبيعي ، هذا الجمال نعمة من الله على الإنسان ولكن أنا أصبح لي بمثابة نقمة ، توفيت أسرتي مع من توفي بسبب الوباء الذي أنتشر في ذلك الوقت وبفضل الله بقية أنا على قيد الحياة، تركت أسرتي لي ثروة طائلة، رعاني صديق أبي المقرب خير رعاية وأهتم بأموالي إلا أن كبرت وتوليت الأمر بنفسي ، كان ولده بمثابة أخي لي ولحسن حظي أن زوجته وبناته توفوا كذلك ، كنت معروف بالجمال منذ الصغر لذلك كنت محط أنظار الفتيات ، عندما أصبحت في سن المراهقة أزداد جملي بزيادة رجولتي ،أخذت الفتيات بملاحقتي وأن كن أكبر مني في السن ، عندما أصبحت رجلا أخذت الفتيات بدعوتي للرذيلة ولسن هن الوحيدات حتى الذكور كانوا يدعونني للرذيلة ولكنني والحمد لله بعيد كل البعد عن الرذيلة ، ضاقت بي الأرض بما رحبت فأينما أذهب أجد العيون تلاحقني وتراقبني وكل ما أريد يتحقق لي من أجل جمالي أولا ثم لأموالي وأينما أذهب طلب الرذيلة يلاحقني وبشكل صريح ، سبب لي الوضع الكثير من الأمراض النفسية فأصبحت أخاف من الخروج وأخاف من كل شخص جديد أتعرف عليه ، لزمت المنزل ولم أخرج منه إلا ناذرا وبتغطية جميع جسدي كأنني امرأة ، كرهت نفسي وكرهت جمالي وحاولت مرارا تشويه نفسي ولكن صديقي ووالده يمنعاني من ذلك فأستغفر الله وأزيح هذه الفكرة عن تفكري ، كنت أدير أعمالي من خلال صديقي الذي له الحق بالتصرف في الأعمال مثلي تماما ، في أحد الأيام عرض صديقي عليّ فكرة الزواج فكرت بالموضوع ثم وافقت وقال بأنه سمع عن فتاة يتيمة ترعى أخوتها وهي فتاة صالحة متواضعة وافقت على ذلك ولكني كنت خائف منك فربما كنت تريدين الزواج مني بسبب جمالي أو أموالي مثل الآخرين ، البيت مراقب بأحدث أجهزة المراقبة حتى أطمئن بأن أحدا لن ينتهز فرصة غيابي عن المنزل في التصرف على هواه. قلت له : ولكني زوجتك ويحق لي رؤيتك ثم أكملت ساخرة وهل سأدعوك للرذيلة ؟. قال لي : أنا أسف لأني عاملتك بتلك الطريقة ، كان يجب أن أتيقن بأنك تحبينني من أجلي لا لأمر أخر، كنت أريد أن تكوني زوجة صالحة والحمد لله وجدتك نعم الزوجة . قلت له : وكيف تيقنت بأني الزوجة التي تريد ؟ . قال لي : الزوجة التي تضحي من أجل أخوتها على حساب حق من حقوقها لهي نعم الزوجة ، لقد غضبت منك في بادئ الأمر وتغيبت عنك بعض الوقت لأرى كيف تتصرفين إزاء الموقف الذي أنت بصدده ولقد أعجبني ، في المرة الثانية لقد كنت في مستشفى الأمراض النفسية لأخذ العلاج المناسب للشفاء والعودة إليك بأحسن حالة ولنحيا حياة طبيعية مثل كل البشر ، كان صديقي يرسل لي أخبارك يوميا وقد كنت أشتاق إليك كثير ولكن مرضي منعني من العودة ، أخبرني صديقي بالحالة التي وصلت لها في غيابي وقد تقطع قلبي على الوضع الذي وصلتي إليه بسببي ، ثم عدت إليك يملئني الشوق لك ولكن بقي أمر واحد أحببت أن اتأكد منه نقلتك إلى منزل صغير بعيد عن الرفاهية لأرى هل ستصمدين أم ستتراجعين ، عندما سقطت على الأرض كنت أتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعني ولا يصبك مكروه من جراء حمقي وأنانيتي وعدم ثقتي بك ، كدت أصاب بالجنون عندما أحسست بأني سأفقدك ، سأفقد الإنسانة الوحيدة التي أحبتني بصدق ، أنا أسف حبيبتي وسأكون على أتم الاستعداد لتقبل حكمك علي وتنفيذه . سكتت برهة من الزمن ثم توجهت إليه عانقته وقلت له : أنا أحبك وسأظل أحبك وقلبي لا يحمل تجاهك إلا المحبة والإخلاص أبد الدهر . أين تذهب في النهار؟ قال : أعمل من طلوع الشمس حتى غروبها . قلت له : حبيبي أريد منك تلبية طلبي الصغير أكملت بعد أن سمح لي ، حبيبي أريد أن لا تخفي نفسك أبدا بعد اليوم لأنك شيء قدير بالظهور وعدم الاختفاء ، مثلما أحببتك أنا وأحبك صديقك ووالده سيحبك بقية الناس من أجلك أنت لا من أجل شيء أخر وأعذك بأن أكون بجانبك في كل الأحوال ، هناك أمر أخر يجب أن تكف من وضع الناس في اختبارات فعلينا تقبل بعضنا البعض بصفاتنا وأخلاقنا . قال لي : كما تشائين ، هيا بنا لنعود للمنزل الكبير .
جمعنا متاعنا وانتقلنا لمنزلنا الكبير أقصد لقصرنا الضخم ، أمسكت بيده وتوجهنا للخارج وبدون معطف أخذنا نتجول في الشوارع وطبعا الناس تحدق بنا من كل صوب لا أستطيع لومهم على ذلك فقد كان جماله يجبرك على النظر إليه وعدم إزاحة عينيك عنه ، كان كالملاك الهابط من السماء وأخذ بالسير على الأرض، اقتربت منه وقلت له : لا تكترث حبيبي لهم كأنك لا تراهم ، كنت أحس باضطرابه وقلقه شددت على يده وأخذنا بالسير وشيئا فشيئا زال عنه الخوف وصلنا للمنزل الضخم فتحنا الباب ودخلنا واستقبلتنا الخادمات وعيونهن متوجهة على زوجي وقلن : سيدتي من هذا الذي معك ؟ أرجوك دعيه يرحل قبل أن يعلم السيد ويغضب . قال زوجي : يا حمقاء من عادة البشر إلقاء التحية أولا وثانيا أنا سيد هذا المنزل . أمام دهشة الجميع سرنا وصعدنا السلم ووصلنا إلى غرفتنا قلت له همسا : أود اقتلاع عين كل من تنظر إليك منهن فأنت لي وحدي . ضحك وأقترب من أذني وقال : ألم أخبرك سابقا ؟ هل تغارين منهن ؟ قلت له : وكيف لا أغار على حبيبي وزوجي ، حبيبي ما رأيك أن نبيع هذا المنزل ونقطن في المنزل الصغير أنا وأنت وأطفالنا فقط من دون خدم ، حبيبي كل من تنظر إليك هذه النظرة أرغب بتحطيم وجهها ، هل تريد لزوجتك أن تكون مجرمة ؟ قال لي : كما تشائين .
مرت الأيام والشهور والسنوات ونحن على أتم وفاق كنا عون لبعضنا في الشدة والرخاء ، أنجبنا العديد من الأطفال ولكنهم كانوا أقل جمال من والدهم ( طبعا تعرفون السبب ) وهكذا انتهت قصتي ، هل اقتنعتم أن الحب ليس رهن على المظهر الخارجي أنما على أشياء أهم منه :) .